جريدة الرياض : بلغ إنتاج البترول الليبي أقصاه حوالي 3.05 ملايين برميل في اليوم لمرة واحدة في أواخر الستينيات من القرن المنصرم. لكن لم يلبث طويلا حتى استقر انتاج البترول الليبي بين 1.25 – 1.82 مليون برميل في اليوم أكثر من عشرين سنة (السنوات: 1988 – 2010). ثم انخفض فجأة انتاج البترول الليبي الى أن أصبح الآن فقط 0.498 (حوالي نصف) مليون برميل في اليوم.

المتابع لمسيرة انتاج البترول الليبي على مدى خمس السنوات الأخيرة سيرى أنه تقلّب تقلبات حادة فانخفض الى الصفر في شهر فبراير 2011 بسبب بداية الحرب الأهلية (أو ما يسمى الربيع العربي)، لكن لم يلبث طويلا حتى عاد الانتاج فارتفع ليلامس 1.5 مليون برميل في بداية عام 2012 وبقي عند هذا المستوى حتى منتصف عام 2013 (سنة ونصف) ثم انخفض فجأة الى أقل من نصف مليون برميل في اليوم وبقي عند هذا المستوى المنخفض الى الآن بسبب الاضطرابات الأمنية التي أدت الى قفل الموانئ وتعطيل حقول البترول والغاز وخراب الأنابيب (المصدر: ادارة معلومات الطاقة الاميركية EIA).

كذلك يبلغ احتياطي البترول الليبي المؤكد 48 بليون برميل تاسع أكبر احتياطي بترول في العالم، ولو استبعدنا احتياطي بترول فنزويلا وكندا غير التقليدي سيصبح احتياطي ليبيا سابع أكبر احتياطي بترول سواء في العالم أو في منظمة اوبك وهو أيضا الاحتياطي المؤكد الأول في القارة الأفريقية.

من ناحية أخرى يتميز البترول الليبي بأنه عالي الجودة، خفيف (منخفض الكثافة)، وحلو (منخفض الكبريت) ويتم تصدير معظمه الى اوروبا لا سيما ايطاليا والمانيا وفرنسا وقد أدى انخفاض انتاج البترول الليبي بالتالي الى انخفاض صادراته التى بلغت فقط 375 ألف برميل في اليوم عام 2014 موزعة كالتالي: 84 % الى اوروبا، و14 % الى آسيا والصين، و2 % الى دول الامريكتين.

تتجلى أهمية البترول الليبي لدول اوروبا الصناعية بأن أدى انخفاض انتاجه المفاجئ عام 2011 الى لجوء وكالة الطاقة الدولية IEA(المسؤولة عن ادارة الطاقة للدول المتقدمة) للسحب – على غير عادتها – من احتياطي الطوارئ الاستراتيجي مقدار 60 مليون برميل للتعويض عن انخفاض انتاج البترول الليبي المفاجئ الذي تسبب انعدامه في إحداث اضطرابات في الاقتصاد الاوروبي.

الملاحظ أنه في الوقت الذي يتكلم فيه جميع المحللين الاقتصاديين الآن بحماس وجدل عن عودة بترول ايران الى السوق وتأثيره على فائض العرض وأسعار البترول لكن لا نجد أحدا يتكلم عن عودة بترول ليبيا وتأثيره على فائض وأسعار البترول وكأن ليبيا ليس بامكانها أن تضيف الى السوق حوالي ضعف الذي تستطيع ايران اضافته خلال الأربع سنوات القادمة (الى عام 2020).

بالقاء نظرة فاحصة سريعة على ايران وليبيا سنجد أن ليبيا هي المرشّحة أكثر من ايران للتأثير على أسواق البترول لأن ايران ليس كما يشاع بأن المقاطعة أدت الى خفض انتاجها بالقدر الذي تزعمه الدعاية الغربية فلم ينخفض انتاج بترول ايران قط طوال سنوات المقاطعة عن 3.25 ملايين برميل في اليوم وبالتالي فإن عودتها لن تضيف الى السوق أكثر من 750 ألف برميل حتى عام 2020. بينما ليبيا بامكانها ان تضيف على أقل تقدير ما لا يقل عن 1.25 مليون برميل خلال سنة واحدة بعد عودة الاستقرار اليها.

أما بالنسبة للصادرات فإن صادرات ايران في عز وقت المقاطعة كانت تصدر عيانا بيانا ما لا يقل عن 1.25 مليون برميل (خام ومكرر ومكثفات) بما فيه جزء لتركيا ولذا فإن ازالة المقاطعة يقوي مركز ايران التفاوضي على السعر أكثر منه زيادة الكمية.

بينما صادرات ليبيا الآن لا تتجاوز بضع مئات الآلاف ومتوقع أن تتجاوز صادرات ليبيا 1.5 مليون برميل في اليوم.