تقارير
ارتفاع الدولار يؤثر على مشتريات البترول في العالم
تاريخ النشر : 2022-10-23
انخفض سعر خام برنت بأكثر من 30% من أعلى مستوى سجله خلال العام الحالي، لكنك لن تشعر بذلك إذا كنت تعيش في باريس أو مومباي أو أكرا.
تراجع مؤشر البترول العالمي من حوالي 128 دولارا للبرميل تزامناً مع ارتفاع الدولار الأمريكي بنحو 15% خلال نفس الفترة، وهذا يعني أن أسعار الوقود تظل عاملاً مهماً في ارتفاع تكلفة المعيشة في معظم أنحاء العالم.
شهدت القوى المؤثرة في الطلب على البترول، مثل الصين والهند والاتحاد الأوروبي، انخفاضاً أقل في المدى الحقيقي في أسعار البترول الخام مما قد توحي به المعايير.
وبالنسبة لبعض الأسواق الناشئة مثل سريلانكا، ظهر بالفعل تأثير ارتفاع أسعار البترول وانهيار العملة في شكل انهيار اقتصادي شبه كامل.
تعليقاً على الأمر، قال جيوفاني ستونوفو، محلل السلع في “يو بي إس جروب”، إن “الدولار القوي هو رياح معاكسة للدول المستهلكة للبترول والتي لا ترتبط عملاتها بالدولار”.
وأشار إلى أن “أسعار البترول ارتفعت كثيراً عند تقويمها بالعملة المحلية على مدى الـ 12 شهراً الماضية”.
مع ذلك، قالت وكالة أنباء “بلومبرج” إنه ليس هناك حل سهل، فعلى سبيل المثال يهدد رفع أسعار الفائدة لدعم العملات بتباطؤ الاقتصادات الهشة بالفعل، بينما تحتاج الدول النامية إلى مراقبة احتياطيات الدولار بشكل جيد.
تعتمد دول منطقة اليورو بشكل كبير على الواردات من أجل بترولها.
وفي ظل عدم وجود إمدادات خام محلية، فإن كل من أكبر خمسة اقتصادات في كتلة العملة الموحدة، والتي تتمثل في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا، تعتمد بنسبة 90% على الأقل على المشتريات الأجنبية لتشغيل مصافي التكرير.
في ظل هذه الخلفية، ثبت أن ربط البترول بالدولار يمثل صداعاً خاصاً بالنسبة لمسؤولي البنك المركزي الأوروبي في عام كان بالفعل عام اختبار.
وأوضحت “بلومبرج” أن الضغط على إمدادات الطاقة الناتج عن اتخاذ روسيا خطوات لخفض إمدادات الغاز أدى إلى زيادات هائلة في أسعار المستهلك، حيث وصلت إلى مستوى قياسي بلغ 9.9% في سبتمبر.
كانت الدول الآسيوية تشعر بألم مماثل، حيث ارتفعت قيمة واردات الصين من البترول بنسبة 50% في أغسطس مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي، على الرغم من انخفاض الكميات الإجمالية حيث تكافح البلاد مع القيود المفروضة للسيطرة على تفشي فيروس كوفيد-19.
اشتكى محافظ البنك المركزي الكوري ري تشانج يونج، في سبتمبر الماضي، من أن ضعف عملة بلاده يلغي فوائد انخفاض أسعار البترول.
من هذا المنطلق، سعت كل من كوريا واليابان في بعض الأحيان إلى حماية المستهلكين من آلام ارتفاع أسعار الوقود من خلال تقديم الدعم، بالتالي نقل بعض العبء بشكل فعال إلى الحكومة.
ذكرت “بلومبرج” أن ضغوط الدولار القوي دفعت الهند إلى التواصل مع شركاء تجاريين من بينهم المملكة العربية السعودية وروسيا والإمارات العربية المتحدة لتحويل الصفقات إلى العملات المحلية.
جدير بالذكر أن الروبية الهندية انخفضت بنسبة تقدر بنحو 11% مقابل الدولار الأمريكي خلال العام الجاري.
من جانبها، قالت ديفيا ديفيش، محللة العملات في وكالة “ستاندرد تشارترد”: “إذا استمرت أسعار البترول الخام عند المستويات الحالية أو ارتفعت بشكل أكثر، فقد يؤدي ذلك إلى استمرار العجز التجاري على نطاق واسع، الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من الضغط على الروبية الهندية”.
ورغم انتشار ضغوط الدولار، فإن الاقتصادات الناشئة تشعر بألم شديد.
وقالت “بلومبرج” إن خام برنت لن يكون أعلى من المستوى الذي تم تداوله في مارس، بل سيصل إلى مستوى قياسي، وذلك بمجرد تسعيره بالسيدي الغاني.
عادةً ما يؤدي ارتفاع أسعار الوقود والنقص في العملات الأجنبية إلى مزيج سام بالنسبة للبعض، فعلى سبيل المثال أغلقت سريلانكا في الآونة الأخيرة مصفاة البترول الوحيدة التي تملكها نظراً لأنها لعدم قدرتها على دفع ثمن البترول الخام، وأعلنت البلاد إفلاسها بالفعل خلال الصيف حيث كانت تكافح من أجل تمويل واردات الغذاء والوقود.