علي فرجاني، باحث واكاديمي في علوم الذكاء الاصطناعي والفضاء السيبراني 

منذ إعلان رؤية مصر 2030، ومؤسسات الدولة تعمل جاهدة على تنفيذ وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، فضلاً عن تعظيم الاستفادة من الموقع الاستراتيجي لمصر إقليمياً ودولياً، وذلك في ضوء توجيهات القيادة الحكيمة، التي تهدف الي الاستفادة من الطفرة التكنولوجية الراهنة لتطوير صناعة البنية التحتية والعمرانية الجديدة، لما لها من أهمية في تحقيق الرخاء الاقتصادي، وذلك بالتزامن مع تطوير شبكة الطرق، وقطاع النقل الذكي، وكسر مركزية القاهرة، وصولاً لاقامة مدن جديدة تستوعب التكدسات السكانية الهائلة والطاقات البشرية وكذا هيئات ومؤسسات الدولة.

وعلى الفور توجهت بوصلة التنمية نحو رقمنة المدن الجديدة ، وتعظيم الاستفادة من الثورة الصناعية الرابعة، و تعتبر مصر من أوائل الدول في المنطقة العربية وشمال أفريقيا التي بدأت في انشاء مدنها الذكية ضمن خطة طموحة تشمل 37 مدينة ذكية، كجزء من استراتيجية تطوير البنية التحتية طويلة المدى، وما يطلق عليها "مدن الجيل الرابع" بمساحة اجمالية تبلغ 530 الف فدان على مستوى البلاد، والتي تعمل على تطبيق معايير استدامة الطاقة، في ضوء التنمية المستدامة 2052. 

وجاء على رأس المدن الذكية التي قامت مصر بإنشائها، العاصمة الإدارية الجديدة، التي تم بناؤها بالتعاون مع خبراء في إنشاء هذا النوع من المدن، إلى جانب مدينة العلمين الجديدة، ومدينة 6 أكتوبر الجديدة، مدينة المنصورة الجديدة، شرق بور سعيد، مدينة ومنتجع الجلالة، الفرافرة الجديدة، توشكى الجديدة، شرق العوينات، الفرافرة الجديدة، غرب قنا، الاسماعيلية الجديدة، وذلك لاستيعاب الزيادة السكانية المتوقعة. 

اتفاقيات كبرى لتنفيذ التحول الرقمي وتطوير المدن الذكية 

ضمن فعاليات قمة الابتكار في الشرق الاوسط وإفريقيا، التي عقدت في مدينة دبي بالامارات العربية المتحدة في مايو 2022، وقعت هيئة تطوير المدن الذكية المصرية اتفاقية مع شركة "شنايدر إلكتريك" Schneider Electric المتخصصة في إدارة الطاقة والتحول الرقمي والاتمتة ،وذلك لاستخدام منصة I two، لتصميم وتطوير مجتمعات مستدامة، وقد شملت الاتفاقية تنفيذ ثلاثة مشاريع للمدن الذكية هي "مدينة الجلالة" (Galala City) بمحافظة السويس، و"فوكا باي" (Fouka Bay)، و "دي باي" (D-Bay) على الساحل الشمالي، وبلوم فيلدز في المستقبل (Bloom fields in Mostakbal)، وتأتي الاتفاقية ضمن رؤية الدولة المصرية لمضاعفة منطقتها الحضرية من 7% الي 14% ، بحلول عام 2052 والتي تستهدف بناء و تطوير 61 مدينة، منها 24 مدينة جديدة، مع حرص حكومي على تطبيق مفهوم الاستدامة والحلول الذكية لتوفير نمط حياة مستدام، بما يحقق المنافع الاستثمارية والاقتصادية. 

وعن منصة I two فهي تعمل على ربط عملية البناء في العالمين الافتراضي والحقيقي، فيما يشبه المحاكاة لدورة حياة المشروع بالكامل، وذلك من خلال إتاحة نموذج معلومات البناء الخماسية الابعاد 5D BIM، وهو عملية توليد وإدارة بيانات المبنى خلال دورة حياته، ويعتبر هذا الأسلوب أكثر كفاءة وعملية من الطرق التقليدية في الاستعلام ومراقبة التكاليف في مشاريع البناء فضلاً عن تزليل العديد من المعوقات والمفاجأت التي تطرأ خلال فترة التنفيذ، ما يوفر للعملاء نظرة إفتراضية على الموارد المطلوبة والتكلفة والتقدير الزمني المتوقع أثناء تخطيط وتنفيذ مشروعات البنية التحتية والطرق والمدن الذكية.

ولان التحول الرقمى يحتاج إلى بنية أساسية قوية، فقد عملت الدولة على تطوير البنية التحتية للاتصالات فى أنحاء الجمهورية فى 2019 باستثمارات بلغت 30 مليار جنيه، و تبعه تنفيذ المرحلة الثانية فى النصف الثانى من 2020 بتكلفة تصل إلى نحو 5.5 مليار جنيه خلال العام المالى الحالى، ما أدى إلى مضاعفة سرعة الإنترنت فى مصر أكثر من 6 مرات عن يناير 2019؛ حيث ارتفع متوسط سرعات الإنترنت الثابت إلى 39.6 ميجابت/ثانية فى إبريل 2021، مقابل 6.5 ميجابت/ثانية فى يناير 2019. 

وصرح الدكتور أحمد شلبي الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة تطوير مصر، أن حرص دول المنطقة مثل مصر والإمارات والمملكة العربية السعودية على تطوير مدن جديدة مستدامة مؤشرا واعداً، مؤكداً أن مراكز البيانات الضخمة تعتبر عنصر اساسي في المدن المستقبلية المستدامة والذكية. 

وأوضح الدكتور شلبي: "في ظل عالم متطور يعيش عصر الميتافيرس أصبح للعالم الافتراضي دوراً في دراسة المشروع بشكل متكامل قبل تنفيذه" مشيراً الي أن :"عملية اتاحة نموذج معلومات البناء خماسية الابعاد 5D BIM، وفر لنا نظرة افتراضية تشبه الواقع للمشروعات العقارية التي نقوم بها. 

وتمكن المنصة من دمج البيانات الخاصة بعمليات البناء والتشغيل مع مصادر البيانات الاخرى، لاصدار تقييمات وتقارير خاصة بالمشروع، كما توفر لوحة المعلومات التفاعلية عرض لمقاييس رئيسية من زوايا ومستويات وتفاصيل مختلفة، وتحليل لمؤشرات الاداء الرئيسية، لمساعدة المهندسين الانشائيين على اتخاذ القرارات اللازمة.