ماسبيرو - قدمت الباحثة أسماء حسن الخولى - خبيرة اقتصاديات الطاقة - دراستها حول "أزمة النفط العالمية وتداعياتها على سوق النفط المصرى"، وذلك فى دراستها الصادرة عن مركز دعم واتخاذ القرار بمجلس الوزراء، فما هو التأثير المتوقع إيجاباً وسلباً لانخفاض أسعار النفط على قطاع الطاقة المصرى؟

حول هذا الجانب تشير الدراسة إلى تأثير الأسعار المنخفضة للنفط على قطاع الطاقة المصرى من جانبين، أولهما: الأثر الإيجابى باعتبار مصر دولة مستهلكة ومستوردة للنفط، وثانيهما: الأثر السلبى فى ضوء التأثير الناتج عن الضغوط المالية التى ستتعرض لها دول الخليج والشركات العالمية بما يتسبب فى إمكانية توقف أعمال بعض شركات النفط والغاز فى مصر فى ضوء انخفاض الأسعار عالمياً.                                                              

أما عن التأثير الإيجابى فتؤكد الدراسة أنه من المرجح أن يكون لانخفاض أسعار خام برنت تأثير إيجابى على فاتورة الطاقة فى مصر، ففى السنة المالية 2018-2019 بلغت واردات مصر من البترول 12.1 مليار دولار عندما كانت أسعار النفط فى حدود 60 دولاراً أمريكياً للبرميل. وظلت أسعار النفط منخفضة فى الفترة التالية لما هو دون 30 دولاراً أمريكياً للبرميل فإن من المرجح أن تنخفض فاتورة الواردات المصرية إلى النصف بنهاية العام المالى 2019 – 2020، علماً بأن سعر البترول المُقَدر بالموازنة هو 68 دولاراً للبرميل.      

ومن المتوقع - بحسب الدراسة – أن يجنى قطاع الطاقة المصرى بعض الفوائد من انخفاض أسعار النفط، فقد صاغت وزارة المالية ميزانية السنة المالية 2019-2020 على افتراض أن أسعار النفط ستستقر عند حدود 68 دولاراً أمريكياً للبرميل. كما أوضحت الوزارة فى تقارير الموازنات السابقة أن كل دولار -بالنقص أو الزيادة- فى أسعار النفط يُكلِف أو يوفر للموازنة 4 مليارات جنيه مصرى من النفقات، وبالتالى يسهم الانخفاض فى أسعار النفط العالمية منذ بداية العام الجارى فى تقليص عجز الموازنة. علاوة على ذلك، سيتيح المزيد من الانخفاض فى الأسعار مزيداً من الأموال اللازمة لتمويل المشروعات والنفقات الاجتماعية فى ضوء التحديات الاقتصادية والصحية العالمية.                                                                             

ويفترض مشروع الموازنة العامة لعام 2020-2021 سيناريو متحفظاً لأسعار النفط، باستخدام متوسط سعر قيمته 61 دولارا أمريكياً للبرميل، مسترشدة بتوقعات صندوق النقد الدولى وعدد من المؤسسات المالية الدولية، وذلك فى ضوء اتفاق "أوبك +" على تخفيض الإنتاج العالمى بنحو 9.8 مليون برميل يومياً خلال شهرى يوليو وأغسطس الماضيين، بالإضافة إلى موافقة الولايات المتحدة على خفض 3 ملايين برميل يومياً من إنتاجها، وهو ما سيقود الأسعار للارتفاع مرة أخرى.                                                                 

وفيما له صلة برصد التأثير على الجانب السلبى، فقد أشارت الدراسة إلى انخفاض سعر الغاز الطبيعى تأثراً بانخفاض سعر البترول، ما قد يضر مصر كونها أحد مصدرى الغاز، فوفقاً لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فقد ارتفع إجمالى صادرات مصر من الغاز الطبيعى المسال إلى 1.24 مليار دولار أمريكى خلال عام 2019 مقارنة ب 497 مليون دولار أمريكى فى عام 2018 .                                                                         

وأشارت الدراسة إلى أن مصر قد تواجه صعوبات اقتصادية ناجمة عن انخفاض أسعار النفط العالمى لإنها تعتمد بشكل كبير على تحويلات العاملين بالخارج، والتى بلغت 26.8 مليار دولار أمريكى خلال عام 2019.                

لكن هذه الأثار السلبية المحتمل وغيرها من الآثار لا تنفى إمكانية استفادة مصر على المدى الطويل من الانخفاض العالمى للأسعار من خلال الاستيراد بأسعار زهيدة خلال الأشهر المقبلة. لكن عدم وجود طاقة تخزينية، والقيود الاحترازية حول العالم قد يحول دون شراء كميات كبيرة فى الوقت الحالى؛ أما على المدى القصير فإن مصر تستطيع تخزين المشتقات البترولية فى الموانئ البترولية بالسويس والاسكندرية بكميات محددة لكن ليس لمدة شهور.                            

كما يمكن لمصر الاستفادة من عدة فرص ومنها: بدء الاستثمار فى بناء مستودعات تخزين إضافية لمضاعفة الاستفادة حال استمر الانخفاض العالمى فى أسعار النفط، وكذلك خلال أوقات الأزمات، كما يمكن تخفيض معدلات استخدام البترول المصرى من خلال إبطاء عمليات الإنتاج المحلية التى عادة ما تكون أكثر تكلفة من الاستيراد فى أوقات انهيار الأسعار العالمية والاستعانة بالخام المستورد عوضاً عنه وتكريره فى المعامل المحلية.